شاب اسمه محمود عبد الوهاب
العاصمة اليومبقلم / أشرف الشرقاوي
استوقفني شاب يدعي محمود عبد الوهاب وقال لي يا سيدي لي عندك عتاب. لقد قرأت لك كثيرا، وأبحث عنك لكي ترشدني لأنني أشعر بتخبط, ولكنك يا سيدي اختفيت مما جعلني ألوم عليك وألقي عليك هذا العتاب، فمن غيركم ينصحنا وَيُرْشِدنَا نحو طريق الصلاح.
فرأيت في هذا الشاب حزن عميق ونبرات تنم عن الأسى والحزن وفقدان الأمل وعدم التطلع إلي الغد والشعور بالإحباط وعدم التفاؤل.
فقلت له ما بك يا عبد الوهاب، فرد علي قائلا يا سيدي الفساد!..... الفساد!
الفساد يا سيدي يخيم على كل الأرجاء وقد ضجرت يا سيدي من تلك الأجواء. كل ما يحيط بنا فساد في فساد والأغرب والأدهى الشرفاء يا سيدي في هذا الزمن هم الغرباء. وأحس
يا سيدي بأن الحياة تسير عكس الاتجاه, الحرب تدور على الشرفاء، والشريف اليوم هو من تعٌايرة الناس عن شرفة. ويتكلمون عن الشرف كأنه ولي وفات ,
يسخرون و يتكلمون عن الشرف في زمن خلا منه الشرف. وما يَقْهَرنِي
يا سيدي وَيُصِيبنِي بالاشمئزاز التبجح نعم التبجح! يا سيدي التبجح في الفساد وطلب الرشوة والمحسوبية وكأنه يا سيدي أصبح حق مكتسب. وكأنه سوف يُكَافَأ على هذا الفساد والتبجح. فكيف يا سيدي نعيش في تلك الأجواء، فالأفضل أن نترك لهم الأرجاء ونرحل من تلك الأنحاء ونبحث لنا عن أرض يكن فيها الشرف تاج على رؤوس الشرفاء. لابد وأن نرحل عن دنيا يكسوها الفساد.
فقلت له يا بني هدئ من روعك ولا تُلْقِ اللوم على الزمان.
فعن الإمام الشافعي .... نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
وَنَهجو ذا اَلزَّمَان بِغَيرِ ذَنبٍ وَلَو نَطَقَ اَلزَّمَان لَنا هَجانا
وَلَيسَ اَلذِّئْب يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عِيَانًا
وقال رب العزة
القول في تأويل قوله تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)
فتلك الصفات المشينة والقبيحة يا ولدي من صنع البشر ومن صفات البشر، وموت الضمير والجشع والطمع، فالنفس البشرية تمشي وراء جشعها مطمعها وأهواءها. وتأكد يا بني بأن هناك دائما الخير وأن أختفي قليل فالأبد له أن ينتصر. وإن الله دائما يعلو الحق والشرف والضمير على الباطل والفساد. والفاسد لا بد له من يوما سيقع فيه وليأخذ كل ذي حق حقة
فلا تبتئس يا ولدي فرب العرش موجود، فأصبر يا ولدي فلن تنصلح البلاد حتى تنصلح قلوب العباد.