ماكرون وفيروز.. والعكس!
العاصمة اليوممختار محمود
بعيدًا عن الاجتهادات والقراءات السياسية الموضوعية والمتطرفة والملتوية لزيارة الرئيس الفرنسى “ماكرون” لجارة القمر “فيروز” فى بيروت ومنحها وسامًا فرنسيًا رفيعًا، فإن هناك سؤالاً افتراضيًا يطرح نفسه: ماذا لو كانت هذه الزيارة من نصيب فنانة أو مطربة مصرية؟ هل سوف تظهر هذه الفنانة هكذا فى بساطة متناهية كما ظهرت “فيروز”؟ الإجابة بكل تأكيد: لا!
بدت “فيروز” فى حُلة بسيطة للغاية، فيما خلا مكان الاستقبال داخل مسكنها من أى تكلف، ربما لأن المطربة الكبيرة حازت من الثقة فى نفسها وتاريخها ما يجعلها لا تشعر بالدونية والانبطاح والخضوع والتصاغر أمام أى مسؤول، مهما تعاظم شأنه، حتى لو كان ممثلاً للمستعمر القديم.
الفنانات المصريات لا يفعلن الأمر ذاته، فإذا تم دعوة واحدة منهن فى أية مناسبة برعاية رسمية أو من رجل أعمال، فإنها تختار من ملابسها أكثر عريًا وخلاعة، أو تتصل بـ”هانى البحيرى”؛ ليعد لها فى التو واللحظة فستانًا مكشوفًا باهظ الثمن، فضلاً عن عبارات “الشحتفة وعبارات التزلف والتملق” التى لن يتوقف لسانها عن ترديدها أثناء وبعد انتهاء هذه المناسبة.
المهرجانات السينمائية فى بلادنا على سبيل المثال تحولت فى السنوات الأخيرة إلى مهرجانات للتعرى والتدنى الأخلاقى، وكله باسم الفن.
“فيروز” أثبتت عمليًا أن الفنانة الحقيقية المؤثرة فى تاريخ بلادها ووطنها تكون أكثر الناس احترامًا وتقديرًا وسموًا ورقيًا، الفن الحقيقى يرقى بالنفوس وليس بالملابس.
من المؤكد أن هناك بونًا شاسعًا بين رؤية “فيروز”، وبين رؤية الفنانات المصريات للفن، الأولى تراه احترامًا وتقديرًا ورسالة، والأخريات يتعاملن معه باعتبارها مرادفًا للخلاعة والتعرى والابتذال، مهما تقدم العمر، وتراكمت السنون.
أقول هذا أيضًا بمناسبة الحالة الغريبة التى انتابت عددًا من الفنانات المصريات الزاحفات نحو العقد السادس أو السابع من عمرهن مؤخرًا، حيث ينشرن كل يوم، على مواقع التواصل الاجتماعى، صورًا شخصية لا تخلو من إثارة وخلاعة وابتذال، وبعضها بقمصان النوم، وهى الصور التى تنال بطبيعة الحال آلاف اللايكات المدعومة بتعليقات إباحية سمجة، وتلك حالة غريبة ومُعقدة، وتتطلب تشخيصًا نفسيًا جادًا وحقيقيًا، ربما نجحت فى تصحيح سلوكهن وتصويب مسارهن. والحمد لله..
أن “فيروز” سيدة مسيحية، ولو كانت مسلمة وظهرت بهذه الملابس المحتشمة فى حضرة الرئيس الفرنسى، لخرجت كتائب وميلشيات “خالد منتصر” و”إبراهيم عيسى” من جحورها تزعم كذبًا وزورًا وتدليسًا أن “جارة القمر” تنتمى إلى أحد التيارات الدينية المتشددة، ولجمعوا توقيعات من جميع أنحاء الأرض ورفعوها إلى قصر “الإليزيه” للمطالبة بسحب الوسام الفرنسى منها فورًا.